كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنَ آدَمَ لَك أَوَّلُ نَظْرَةٍ وَإِيَّاكَ وَالثَّانِيَةَ».
وَرَوَى أَبُو زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَك النَّظْرَةُ الْأُولَى» إذَا لَمْ تَكُنْ عَنْ قَصْدٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَنْ قَصْدٍ فَهِيَ وَالثَّانِيَةُ سَوَاءٌ، وَهُوَ عَلَى مَا سَأَلَ عَنْهُ جَرِيرٌ مِنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
وَقَوْلُهُ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} هُوَ عَلَى مَعْنَى مَا نُهِيَ الرَّجُلُ عَنْهُ مِنْ النَّظَرِ إلَى مَا حَرُمَ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} وَقَوْلُهُ: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ: {يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} مِنْ الزِّنَا، إلَّا الَّتِي فِي النُّورِ: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهَا أَحَدٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا تَخْصِيصٌ بِلَا دَلَالَةٍ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى حِفْظَهَا عَنْ سَائِرِ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ مِنْ الزِّنَا وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآيِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي حِفْظِ الْفُرُوجِ هِيَ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ؛ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ أَبُو الْعَالِيَةِ ذَهَبَ فِي إيجَابِ التَّخْصِيصِ فِي النَّظَرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِغَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ مِنْ النَّظَرِ وَمِنْ الزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ؛ وَعَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ حَظْرَ النَّظَرِ فَلَا مَحَالَةَ أَنَّ اللَّمْسَ وَالْوَطْءَ مُرَادَانِ بِالْآيَةِ؛ إذْ هُمَا أَغْلَظُ مِنْ النَّظَرِ، فَلَوْ نَصَّ اللَّهُ عَلَى النَّظَرِ لَكَانَ فِي مَفْهُومِ الْخِطَابِ مَا يُوجِبُ حَظْرَ الْوَطْءِ وَاللَّمْسِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} قَدْ اقْتَضَى حَظْرَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنْ السَّبِّ وَالضَّرْبِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: {إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: مَا كَانَ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ، الْخِضَابُ وَالْكُحْلُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَكَذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهَا الْكَفُّ وَالْوَجْهُ وَالْخَاتَمُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ: الْقُلْبُ وَالْفَتْخَةُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْفَتْخَةُ، الْخَاتَمُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: وَجْهُهَا وَمَا ظَهَرَ مِنْ ثِيَابِهَا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَجْهُهَا مِمَّا ظَهَرَ مِنْهَا.
وَرَوَى أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الزِّينَةُ زِينَتَانِ: زِينَةٌ بَاطِنَةٌ لَا يَرَاهَا إلَّا الزَّوْجُ الْإِكْلِيلُ وَالسِّوَارُ وَالْخَاتَمُ، وَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَالثِّيَابُ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْأَجْنَبِيِّينَ دُونَ الزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ حُكْمَ ذَوِي الْمَحَارِمِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْمُرَادُ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ؛ لِأَنَّ الْكُحْلَ زِينَةُ الْوَجْهِ وَالْخِضَابَ وَالْخَاتَمَ زِينَةُ الْكَفِّ، فَإِذْ قَدْ أَبَاحَ النَّظَرَ إلَى زِينَةِ الْوَجْهِ وَالْكَفِّ فَقَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ أَيْضًا أَنَّهَا تُصَلِّي مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، فَلَوْ كَانَا عَوْرَةً لَكَانَ عَلَيْهَا سَتْرُهُمَا كَمَا عَلَيْهَا سَتْرُ مَا هُوَ عَوْرَةٌ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَإِنْ كَانَ يَشْتَهِيهَا إذَا نَظَرَ إلَيْهَا جَازَ أَنْ يَنْظُرَ لِعُذْرٍ مِثْلَ أَنْ يُرِيدَ تَزْوِيجَهَا أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا أَوْ حَاكِمٌ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ إقْرَارَهَا.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ لِشَهْوَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَك الْأُولَى وَلَيْسَ لَك الْآخِرَةَ»، وَسَأَلَ جَرِيرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَك» وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ النَّظْرَةَ بِشَهْوَةٍ؛ وَإِنَّمَا قَالَ: «لَك الْأُولَى»؛ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ: «وَلَيْسَ لَك الْآخِرَةُ»؛ لِأَنَّهَا اخْتِيَارٌ.
وَإِنَّمَا أَبَاحُوا النَّظَرَ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَشْتَهِيَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَعْذَارِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، مِنْهَا: مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» يَعْنِي الصِّغَرَ.
وَرَوَى جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ فَقَدِرَ عَلَى أَنْ يَرَى مِنْهَا مَا يُعْجِبُهُ وَيَدْعُوهُ إلَيْهَا فَلْيَفْعَلْ».
وَرَوَى مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا إذَا كَانَ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَيْهَا لِلْخِطْبَةِ».
وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
وَرَوَى عَاصِمُ الْأَحْوَلُ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: خَطَبْنَا امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَظَرْت إلَيْهَا؟» فَقُلْت: لَا، فَقَالَ: «انْظُرْ فَإِنَّهُ لَأَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا».
فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا وَكَفِّهَا بِشَهْوَةٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: «لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنُهُنَّ» وَلَا يُعْجِبُهُ حُسْنُهُنَّ إلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ وُجُوهِهِنَّ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ مَحْظُورٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ».
وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا هُوَ الثِّيَابُ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ ذَكَرَ الزِّينَةَ وَالْمُرَادُ الْعُضْوُ الَّذِي عَلَيْهِ الزِّينَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ الْحُلِيِّ وَالْقُلْبِ وَالْخَلْخَالِ وَالْقِلَادَةِ يَجُوزُ أَنْ تُظْهِرَهَا لِلرِّجَالِ إذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ لَابِسَتُهَا؟ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ الزِّينَةِ كَمَا قَالَ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ هَذَا: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} وَالْمُرَادُ مَوْضِعُ الزِّينَةِ، فَتَأْوِيلُهَا عَلَى الثِّيَابِ لَا مَعْنَى لَهُ؛ إذْ كَانَ مَا يَرَى الثِّيَابَ عَلَيْهَا دُونَ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا كَمَا يَرَاهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَابِسَتَهَا.
قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
رَوَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ وَأَنْ يَسْأَلْنَ عَنْهُ؛ لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النُّورِ عَمَدْنَ إلَى حجوز مَنَاطِقِهِنَّ فَشَقَقْنَهُ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ قِيلَ: إنَّهُ أَرَادَ جَيْبَ الدُّرُوعِ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَلْبَسْنَ الدُّرُوعَ وَلَهَا جَيْبٌ مِثْلُ جَيْبِ الدُّرَّاعَةِ فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مَكْشُوفَةَ الصَّدْرِ وَالنَّحْرِ إذَا لَبِسَتْهَا، فَأَمَرَهُنَّ اللَّهُ بِسَتْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِقَوْلِهِ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَدْرَ الْمَرْأَةِ وَنَحْرَهَا عَوْرَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ إلَيْهَا مِنْهَا.
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الْآيَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ إبْدَاءِ الزِّينَةِ لِلزَّوْجِ وَلِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ الْآبَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ الزِّينَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْيَدُ وَالذِّرَاعُ؛ لِأَنَّ فِيهَا السِّوَارَ وَالْقُلْبَ، وَالْعَضُدُ وَهُوَ مَوْضِعُ الدُّمْلُجِ، وَالنَّحْرُ وَالصَّدْرُ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ، وَالسَّاقُ مَوْضِعُ الْخَلْخَالِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ إبَاحَةَ النَّظَرِ لِلْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَهِيَ مَوَاضِعُ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّهُ خَصَّ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ إبَاحَةَ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ لِلْأَجْنَبِيَّيْنِ وَأَبَاحَ لِلزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحَارِمِ النَّظَرَ إلَى الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّبَيْرِ: الْقُرْطُ وَالْقِلَادَةُ وَالسِّوَارُ وَالْخَلْخَالُ.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ {أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} قَالَ: يَنْظُرُ إلَى مَا فَوْقِ الذِّرَاعِ مِنْ الْأُذُنِ وَالرَّأْسِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْأُذُنِ وَالرَّأْسِ بِذَلِكَ؛ إذْ لَمْ يُخَصِّصْ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ مَوَاضِعِ الزِّينَةِ دُونَ شَيْءٍ، وَقَدْ سَوَّى فِي ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ مَنْ ذُكِرَ مَعَهُ، فَاقْتَضَى عُمُومُهُ إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ لِهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ كَمَا اقْتَضَى إبَاحَتَهَا لِلزَّوْجِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ الْآبَاءِ ذَوِي الْمَحَارِمِ الَّذِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِكَاحُهُنَّ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي التَّحْرِيمِ بِمَثَابَتِهِمْ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ، مِثْلُ زَوْجِ الِابْنَةِ وَأُمِّ الْمَرْأَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِنَّ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إلَى شَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ، فَكَرِهَهُ وَقَالَ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ فَهُوَ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ تَحْرِيمِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا مَا خُصَّ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْحَرَائِرِ دُونَ الْإِمَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَاءَ لِسَائِرِ الْأَجْنَبِيِّينَ بِمَنْزِلَةِ الْحَرَائِرِ لِذَوِي مَحَارِمِهِنَّ فِيمَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ، فَيَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ الْأَمَةِ وَذِرَاعِهَا وَسَاقِهَا وَصَدْرِهَا وَثَدْيِهَا كَمَا يَجُوزُ لِذَوِي الْمَحْرَمِ النَّظَرُ إلَى ذَاتِ مَحْرَمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ النَّظَرَ إلَى شَعْرِ الْأَمَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ وَيَقُولُ: اكْشِفْنَ رُءُوسَكُنَّ وَلَا تَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُنَّ بِمَنْزِلَةِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ.
وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَمَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ لَهَا كَذَوِي الْمَحَارِمِ لِلْحَرَائِرِ حِينَ جَازَ لَهُمْ السَّفَرُ بِهِنَّ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ» فَلَمَّا جَازَ لِلْأَمَةِ أَنْ تُسَافِرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ لِذَوِي مَحْرَمِهَا فِيمَا يُسْتَبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ: «لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ» دَالٌّ عَلَى اخْتِصَاصِ ذِي الْمَحْرَمِ بِاسْتِبَاحَةِ النَّظَرِ مِنْهَا إلَى كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ مَا وَصَفْنَا بَدِيًّا وَرَوَى مُنْذَرٌ الثَّوْرِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يُمَشِّطُ أُمَّهُ، وَرَوَى أَبُو البختري أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يَدْخُلَانِ عَلَى أُخْتِهِمَا أُمِّ كُلْثُومٍ وَهِيَ تَمْتَشِطُ، وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُهُ فِي ذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى شَعْرِ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ، وَكَرِهَ السَّاقَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي مُقْتَضَى الْآيَةِ.
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ أَخِيهَا قَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَهَا ذَلِكَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَرَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسَدِّدَ الرَّجُلُ النَّظَرَ إلَى شَعْرِ ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا عِنْدَنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَخَافُ فِيهَا أَنْ تُشْتَهَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا الشَّهْوَةُ لَكَانَ خِلَافَ الْآيَةِ وَالسُّنَّةِ وَلَكَانَ ذُو مَحْرَمِهَا والأجنبيون سَوَاءً.
وَالْآيَةُ أَيْضًا مَخْصُوصَةٌ فِي نَظَرِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَى مَا يَجُزْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ الرَّجُلِ وَهُوَ السُّرَّةُ فَمَا فَوْقَهَا وَمَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ، وَالْمَحْظُورُ عَلَيْهِنَّ مِنْ بَعْضِهِنَّ لِبَعْضٍ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ.
وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}.
رُوِيَ أَنَّهُ أَرَادَ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} تَأَوَّلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُمُّ سَلَمَةِ وَعَائِشَةُ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِلَى شَعْرِ غَيْرِ مَوْلَاتِهِ؛ رُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْتَشِطُ وَالْعَبْدُ يَنْظُرُ إلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْظُرُ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا مَحْرَمٍ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} عَلَى الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْحُرَّ فِي التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ، فَهِيَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ وَهُوَ عَبْدُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ عَارِضٌ كَمَنْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ أُخْتُهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَلَا يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ النَّظَرَ إلَى شَعْرِ أُخْتِهَا، وَكَمَنْ عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ سَائِرُ النِّسَاءِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ النَّظَرَ إلَى شُعُورِهِنَّ؛ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا عَلَى عَبْدِهَا فِي الْحَالِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا كَانَ الْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَجْنَبِيِّينَ وَأَيْضًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» وَالْعَبْدُ لَيْسَ بِذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ بِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِهَا كَالْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ فَائِدَةِ ذِكْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} وَأَرَادَ بِهِنَّ الْحَرَائِرَ الْمُسْلِمَاتِ، فَجَازَ أَنْ يُظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْإِمَاءَ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِنَّ وَإِلَى مَا يَجُوزُ لِلْحُرَّةِ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا، فَأَبَانَ تَعَالَى أَنَّ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا خَصَّ نِسَاءَهُنَّ بِالذِّكْرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَهُنَّ هُمْ الرِّجَالُ بِقَوْلِهِ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ، فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الرِّجَالَ مَخْصُوصُونَ بِذَلِكَ إذَا كَانُوا ذَوِي مَحَارِمَ، فَأَبَانَ تَعَالَى إبَاحَةَ النَّظَرِ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مِنْ نِسَائِهِنَّ سَوَاءٌ كُنَّ ذَوَاتَ مَحَارِمَ أَوْ غَيْرَ ذَوَاتِ مَحَارِمَ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَاءَ بِقَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْإِبَاحَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْ النِّسَاءِ؛ إذْ كَانَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يَقْتَضِي الْحَرَائِرَ دُونَ الْإِمَاءِ، كَمَا كَانَ قَوْلُهُ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} عَلَى الْحَرَائِرِ دُونَ الْمَمَالِيكِ، وَقَوْلُهُ: {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الْأَحْرَارُ لِإِضَافَتِهِمْ إلَيْنَا؛ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} عَلَى الْحَرَائِرِ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِنَّ الْإِمَاءَ فَأَبَاحَ لَهُنَّ مِثْلَ مَا أَبَاحَ فِي الْحَرَائِرِ.